إن تحرير عقل المربي من الانفعالات سيجعله أفضل مختص تربوي لأطفاله، وربما لغير أطفاله …
كيف ؟!
عملياً لتبسيط الموضوع لنفرض أن العقل هو عقلان:
– عقل انفعالي تسيطر عليه الانفعالات ( فيزيولوجياً يمثل العقل البدئي وبشكل خاص اللمبي limbic system المشترك مع كل الحيوانات )
– وعقل عقلاني يسيطر عليه المنطق والواقع ( فيزيولوجياً يمثل القشرة المخية cortex)
وفي هذه المقالة التي بعنوان “في رأسك عقلان” شرح أكبر عن هذا الموضوع
 
صفات العقل الانفعالي:
ما يهمنا في تربية أطفالنا أن عقلنا حينما تسيطر عليه الانفعالات فتقود عمليات التفكير والقرارات السلوكية ليصبح عقلاً انفعالياً أنه يمتاز بالصفات التالية:
1- مقلّد فقط:
كون الانفعالات تمنع التفكير العقلاني المبدع، فلا يستطيع صاحب العقل الانفعالي إلا إتباع مسائل التربية وكأنها وصفة طبخ ذات مقادير محددة، حب ما يقول الدكتور فلان أو التربوي علان أو خبير علم نفس الأطفال بلّان …
2- مخرّب عادةً:
كون الانفعالات لا درجات لها، فالمربي الانفعالي كالعاصفة، قبلها هدوء مريب ، وخلالها تخريب، وبعدها أسف وندم …
بمعنى إما تساهل و تسامح مفرط أو انفعال وإساءة بالغة ..
3- مفيد في حالات الخطر الأكيد:
كونه يعتبر بمثابة المنذر الدماغي brain alarm ، وهي آلية عمله الأساسية في الحياة، تنبيهنا في حالة الخطر الشديد وصناعة حالة التيقظ العقلي. فهو مفيد جداً ويحمي الإنسان، ولكن فقط في الخطر ..
أما في ظروف الأمان وغياب الأخطار الأكيدة فهو .. .
4- .. مربك جدا:
كونه مفسد للسعادة والاستمتاع في مواقف الحياة الاعتيادية المختلفة الآمنة …
عندها يحتاج إلى قفل أو إيقاف تشغيل مؤقت …
فالعقل العقلاني هو مركز التفكير الواعي المنطقي و صانع القرارات بعد التخطيط والإبداع … 
كيف ؟!!!!!!!!!
كيف نحرر العقل العقلاني من سيطرة العقل الانفعالي؟!
أولاً: حرمان الطفل من العقاب إساءة له مثل حرمانه من الثواب:
ليعلم كل مربي أن حرمان طفله من النتيجة المنطقية لسلوك الطفل السلبي أو الإيجابي عقاباً أو ثواباً هو بمثابة الإساءة للطفل، غالبا ما تظهر آثارها -ربما الكارثية- في مستقبل الطفل …
كون المربي شوّه الواقع الذي يحمل الكثير من التحدّيات للطفل، وقدّم للطفل أسوأ ما يمكن تقديمه ألا وهو الحماية المفرطة، من خلال تجنبيه نتائج أعماله السلبية وهو في صغره …
ثانياً: العقل الانفعالي هو من يفعل ذلك عند المربي، من خلال … :
إما: المبالغة في المثوبة أو المثوبة الغير مناسبة في غير محلها …
أو: المبالغة في العقاب لدرجة الإساءة أو العقوبة الغير مناسبة في غير محلها …
– مثال1: الطفل يمتنع من الذهاب للمدرسة ..
يقول له الأب: لو ذهبت إلى المدرسة سأهديك آيباد لما تعود !!!!! (مبالغة في المثوبة)
منطقياً واقعياً: حلاوة تكفي أو ساعة لعب على آيباد الأب تكفي ..
– مثال2: الطفل يمتنع عن طعام الغداء يشاهد التلفزيون..
تقول له الأم: لو أكلت الآن سأشتري لعبة من السوق لما نخرج اليوم !!! (مثوبة غير مناسبة)
أو تقول له الأم: سأضربك (المبالغة في العقاب لدرجة الإساءة ) ولن أتكلم معك طوال اليوم (العقوبة الغير مناسبة في غير محلها) …
منطقياً واقعياً: لو أكلت ممكن تشوف برنامجك على اليوتيوب، أو ستكسب حلاوة بعد الغداء فقط..
فما علاقة ترك طعام الغداء مع ضرب الأم له أو القطيعة ؟!!!
لا يوجد رابط منطقي يربط أو يعقل الطفل من خلاله ليفسر سبب منطقي لهذه العقوبة التالية لسلوكه السلبي …
وما علاقة ترك طعام الغداء أيضاً باللعبة كمكافأة ؟!
أليست هذه رشوة ؟!!!
ثالثاً: هل المكافأة للطفل دوماً رشوة ؟!
نعم ربما لما لا يكون لها علاقة سببية بسلوك الطفل وتكون بمثابة الاسترضاء لمزاج الطفل “الأعظم”، وليس كنتيجة منطقية لتصرفه الإيجابي …
مثال: لو سلمت على جدك سأعطيك هدية “رشوة”
لو سلمت على جدك سأكون مسروراً منك “مكافأة منطقية معنوية”
لو درست دروسك اليوم تستحق ساعة لعب “مكافأة منطقية معنوية”
لو درست دروسك اليوم سأشتري لعبة “رشوة”
 
رابعاً: الإيقاف المؤقت للعقل الانفعالي لتشغيل دائم للعقل العقلاني …
من خلال إتباع إحدى أو جميع الخطوات التالية:
1- التفكير الإيجابي >>> بتبني المفاهيم الثلاثة السابقة إضافة للتيقن أن طفلك ليس ضدك ولا يتحدّاك بل هو يتعلّم منك، باختصار استعذ بالله الرحيم العليم من أفكار الشطن.
2- التنفس الاسترخائي >>> تنفس بهدوء وعمق مع إغماض العينيين، باختصار تخيّل أنك تشم وردة فوّاحة (شهيق عميق)، وأنك تنفخ شمعة قوية (زفير عميق).
3- ترطيب الفم >>> مزمزة ماء .. علكة .. حلاوة.
4- الغسل أو الوضوء بالماء >>> تغيير المكان إلى الحمام سيساعدك جداً باختصار.
5- المشي التأملي >>> لنصف أو ثلث ساعة أو أكثر.
6- الكتابة والتفريغ بالرسم >>> أطلق لقلمك الحرية في التعبير عن نفسك باختصار.
7- المشروبات والأطعمة المحققة للاسترخاء >>> يانسون .. بابونج .. نعناع .. تفاحة .. رمان .. شوكولاته .. خس مع خيار عليه ليمون ..
وفهمكم كفاية >>> كون عقلكم العقلاني سيتابع قيادتكم بأمان إلى قرارات أكثر ذكاءاً وإبداعاً في تعاملكم مع سلوكيات ابنكم المربكة …