مقدمة: أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” في تقرير لها صدر بتاريخ 1/9/2016: أن عدد السوريين الذين لن يتمكنوا من الذهاب إلى مدارسهم هذا العام يقترب من مليونين و700 ألف طفل.

وأوضح التقرير أن “سوريا موطنٌ لـ 2.1 مليون طفل في سن الدراسة (5- 17) لا يذهبون إلى مدارس. كما أن 600,000 آخرين من أطفال سوريا يعيشون كلاجئين في المناطق المجاورة هم أيضاً خارج المدارس” (1)

 والآثار كبيرة ومتعددة لغياب الطفل عن التعليم، من أهمها: جيل كامل غير متعلم وبالتالي المستقبل السوري بعد الحرب إلى أين ؟! – انتشار العنف والجريمة بأشكاله المختلفة – عمالة الأطفال وما ينتج عنها من إساءات متعددة للطفل … وغيرها الكثير  …..

الفجوة التعليمة الهائلة بعد الثورة تحتاج لعدة تداخلات وحلول مبتكرة.

 ما الحل مع هذا الجيل الكامل بلا تعليم مدرسي نظامي ؟!

أقترح تطوير فكرة #التعليم_المنزلي_الحر_عبر_النت online free home education او اختصاراً  OFHEd من خلال ما يلي:

  1. معلمين متطوعين عبر النت وموقع خاص لهذا النمط من التعليم.
  2. تدريب الأمهات أو الآباء كمعلمين أو مشرفين لأطفالهم.
  3. مناهج إلكترونية للأطفال عبر النت معتمدة من قبل هيئات علمية معتبرة.
  4. شهر تعليمي مكثّف للأسر وأطفالهم من خلال معلمين متطوعين لزيارة المخيمات.
  5. إشباع الحاجات المادية الأساسية للأسر (السكن والأمان، الطعام، الشراب، التدفئة) منعاً من عمالة الأطفال.
  6. التركيز على إتقان المهارات الأساسية الثلاث: قراءة – كتابة – حساب. إضافة لمهارة رابعة ألا وهي استعمال التقنية.
  7. تشجيع التعليم المهني المقنن المنتهي بحرفة يحتاجها المجتمع الحالي الذي يعيش فيه الطفل.

صياغة  المقترح العملي:

أقترح تصميم موقع إلكتروني  website مع تطبيق تعليمي application على الجوالات أو التابلت تشرف عليه هيئة دولية معترف بها مثل اليونسيف UNISEF، ومعلمين محترفين تمنح شهادات تعليمية معتمدة ومعترف بها عالمياً للطلبة.

يعتمد التعليم أونلاين كتعليم ذاتي للكبار أو منزلي مع المربي للأطفال. يتم تطبيقه من خلال توفير  قاعة تدريسية متنقلة ( كارفان ) او سهلة الإنشاء لهذا الغرض  في المخيمات أو أماكن تجمع اللاجئين.

يتألف الموقع الإلكتروني أو التطبيق من مساقات متعدة:

  • مساق التعليم الأساسي للمرحلة الابتدائية: كتابة – قراءة – حساب
  • مساق التعليم للمرحلة المتوسطة
  • مساق التعليم للمرحلة الثانوية
  • مساق التعليم الجامعي
  • مساق التعليم المهني الحرفي: صناعي – فني – تجاري – صحفي – التصوير – علوم الكمبيوتر ولغات البرمجة – السوشيال ميديا – الدعم النفسي – الاستشارات النفسية والاجتماعية والزوجية ( يُفضل تحديده نوعية التعليم المتخصص بعد دراسة حاجة المجتمع الحالي).
  • مساق التعليم لصعوبات التعلم.
  • ويمكن إضافة مساقات أخرى حسب القدرات المتوفرة والحاجة لذلك. بشكل مشابه لموقع ادراك مثلاً (2).

مبدئياً: يكون لكل طفل اسم خاص يدخل فيه إلى الموقع مع امتحان تحديد مستوى اونلاين، ثم يختار المساق المناسب له، ويتم منح شهادة إلكترونية في حال إتمام هذا المساق. يمكن تحديد مكان فعلي لامتحان نظري وعملي في إحدى النقاط الآمنة … يمكن ترتيب ذلك إدارياً …

يتم طرح الاقتراح في المؤتمرات التي تناقش قضايا التعليم في ظل هذه الأزمة، أو صياغة المقترح الحالي concepts notes على شكل مشروع project يتم تقديمه للجهات المانحة.

نحتاج فريق عمل يتضمن فنيون في تقانة المعلومات لتنفيذ هذا التطبيق التعليمي، مع معلمين يضعون المنهج من مختلف دول العالم، تنسق بينهم هيئة تعليمية معتمدة كاليونسيف أو وزارة تربية سورية، مع هيئات إشراف تعليمية على الأرض تزور الأسر بشكل منتظم وتشرف على العملية التعليمية وتأخذ التغذية الراجعة. كما ويمكن أن يكون هذا المشروع موجه بعدة لغات.

يوجد عدة اعتبارات لهذا المقترح:

– من المعلوم أن حجم الكارثة ضخم، وقد تغطي هذه الأفكار قطاع مهم من الأطفال المحرومين من التعليم النظامي وليس كلهم بالتأكيد.

– تحتاج أزمة الأطفال السوريين ذات الآثار السلبية الكبيرة عدة تداخلات لمحاولة الإحاطة بها ومعالجتها ( تعليم مدرسي نظامي – برامج تعليمية قصيرة – تعليم منزلي – تعليم أونلاين – تعليم مهني حسب احتياج سوق العمل ).

– التعليم النظامي المقدّم للأطفال في المخيمات وبلدان اللجوء غير جيد كفاية أو ربما في بعض الحالات غير معتمد رسمياً في إعطاء شهادات تعليمية معتبرة تساعد الطفل في التحاق في الجامعات أو المعاهد الاكاديمية.

– الفكرة المطروحة هي دمج بين طرق تعليمية معروفة عالمياً: “التعليم المنزلي” المشرف عليه من قبل وزارة التربية، مع “التعليم الحر” مع تقديم الاختبارات فقط في مدرسة محددة، مع التعليم عبر النت أو أونلاين.

– التعليم عبر النت أو نلاين ربما سيُصبِح التعليم الأكثر انتشاراً واعتماداً في الأيام القادمة، وهذا سيساعد الأطفال السوريين أن يتعرّفوا على هذه التقنية التعليمية الناشطة والحيوية، إضافةً لإمكانية الحصول على تعليم راقي من مدارس وجامعات عالمية وفرص تعليمية وبحثية، ولو كانت ن بعد ..

إشكاليات وتحديات

الإشكالية الأولى: غياب الكهرباء أو النت أو الأجهزة وخاصة في مناطق الداخل السوري:

بالطبع موضوع انقطاع أو غياب الكهرباء والنت عن أهلنا في العديد من مناطق الدخل السوري …  وهو فعلا تحدي كبير …

والحل: ربما يكون بوجود جهة تشرف على التعليم المنزلي وتؤمن هذه الأجهزة وتتابع الأسر، طبعاً  أهل الإدارة هم أعلم بتنفيذ مثل هذه الأمور على الأرض، ولعل توفير قاعة تدريسية (كارافان) مجهزة بالكهرباء والنت والأجهزة بحيث تكون بمثابة مكان لتدريس الأطفال عبر النت حلاً لمثل هذا.

من جهة أخرى هنالك تساؤل يطرح نفسه بقوة: هنالك فئات من الأسر تفتقر للحاجات الأساسية من سكن وأكل وشرب فهل يمكن طرح موضوع تعليم أطفالها كحاجة أساسية بشكل متوازي ؟!

أعتقد أن الموضوع متروك لحاجة مثل هؤلاء الأسر، والربط مع الجهات الداعمة الإغاثية أمر لا يتجزأ عن العملية التعليمية.

الإشكالية الثانية: “هل هذه برامج ترفيهية وليست تعليمية على اعتبار وجود جوالات وتقنية ؟!”

لا يوجد جانب ترفيهي فيما سبق من نقاط، وإن وجد فالجانب الترفيهي مطلوب (3)

ولكن هو نظام تعليمي ذاتي منزلي أو التعليم الحر كما هو متعارف عليه في كثير من الدول. (4)

وحسب إحدى خبراء التعليم في المنازل Dr Paula Rothermel: يكون التعليم في المنزل الخيار الحقيقي الصائب في حالة مواجهة العديد من المشكلات مع المدرسة. ولا يتسم التعليم في المنازل بالصعوبة مثلما تبدو صعوبته ظاهرياً. قد يحتاج الطفل وأسرته 6 أشهر للتأقلم عليه.

الإشكالية الثالثة: غياب الكتب والشهادات وخاصةً في ظروف الطالب في الداخل السوري ؟!!!

لحل موضوع الكتب يكون من خلال الكتاب الإلكتروني بشكل أساسي الذي سيكون متوفر من خلال الأجهزة أو القاعة التدريسية (الكارفان) كما شرحنا سابقاً.

أما بالنسبة للشهادات فهو أمر سهل من خلال اعتماد هيئة دولية تعليمية مشرفة على المشروع مثل يونسيف، وربطها مع جهات أكاديمية ومتطوعين من مختلف دول العالم. وهو بكل تأكيد هذا أمر أساسي وهام وبدون شهادات معترف به والترويج والإعلان له قد لا يأتي هذا المشروع ثماره المرجوة منها.

الإشكالية الرابعة: التعليم وظروف القصف !!

توفير نظام التعليم المنزلي الحر عبر النت ضمن قاعات تدريسية متنقلة ( كارافان) في عدة نقاط آمنة يسهل الوصول لها هو عمل ضمن الإمكانيات المتاحة  … يعني “سدد وقارب” …

مع رجاء أن تنتهي الحرب بأسرع ما يمكن …  ولكن لا يمكن للعملية التعليمية أن تنتظر أو تتوقف .. .

———————

إخوتي أخواتي … هذه مجرد أفكار وخواطر أحببت مشاركتكم بها …

الرجاء إضافة ملاحظاتك وخاصةً إن كنت من أهل الداخل، أو مشاركتها إن وجدت فيها فائدة …

إعداد: د. ملهم زهير الحراكي، طبيب ومعالج ومدرّب نفسي للأطفال والمراهقين – الرياض.

———————

مصادر وملحقات هامة:

(1): رابط مصدر الإحصائية في عنوان المقالة: http://www.unicef.org/arabic/media/24327_92705.html

(2): يمكن الاطلاع على تجربة موقع إدراك للتعليم المجاني عبر النت على هذا الرابط https://www.edraak.org/

(3): مقالة لي عن العلاج النفسي من خلال التعليم.

(4): موقع التعليم في المنازل في بريطانيا: www.home-education.org.uk

موقع المجموعة المعنية بدعم التعليم في المنازل في أيرلندا الشمالية HEdNI: www.hedni.org