في ظروف الغربة عن الوطن والأهل والتواصل الاجتماعي المحدود جداً: الأب مستغرق في عمله مثلاً … الأم لا تستطيع الخروج لوحدها أيضاً … خروج الطفل خارج المنزل للحي غير آمن أيضاً وأيضاً …

فكان السؤال الشاغل لكل مربي في ظروف الغربة:

كيف سننمي عند الطفل التواصل الاجتماعي ؟!

هل من مفرّ ؟! وخاصة من شعور الذنب تجاه الأطفال الذي يلاحق المربي ويجلده إضافة إلى فظاظة غربته ؟!!!

أتت بعض التعليقات على هذا السؤال السابق صائبة وفيها أفكار جيدة للتكيّف مع الغربة والفقر في الوسط الاجتماعي، وهنالك الكثير من التعليقات مليئة بالسلبية أو حتى العجزية …

أما جوابي فسيكون كأب مغترب أولاً ومعالج نفسي للأطفال ثانياً هو التالي:

أولاً وقبل كل شيء [ لا يعني وجودنا في الوطن وعند الأهل أن طفلنا سيصبح اجتماعياً أو العكس هو الصحيح]. المهم هو التأقلم والتكيّف الإيجابي مع هذه الظروف، وإليكم بعض الأفكار علّها تساعدكم:

2- قد تكون المشكلة لا في الغربة ولا هم يحزنون ، إنما في علاقة الوالدين فيما بينهما. العلاقة الزوجية في الأسرة هي المصدر الأساسي لكل نمو نفسي واجتماعي سليم عند الطفل، وخاصة في ظروف الغربة ، لأن النماذج الوحيدة للعلاقات أمام الأطفال هي علاقة الأم مع الأب، مما يجعل التأثر خطير جدا في البرمجة الإيجابية لنفس الطفل ونمذجة شخصه عليهما وعلى علاقتهما معاً

[ فلو سمحتما أصلحا علاقتكما الزوجية …. ]

الأهم من ذلك كله هو [ شخصية الأم ] فالأم الحاضنة الرسمية لجسد الطفل لما كان جنيناً ولنفس الطفل حتى فترة المراهقة، هل تستوي الأم المطمئنة الاجتماعية مع الأم القلوقة أو المنعزلة ؟!

[ فضلاً أيتها الأم طوّري مهارات الاجتماعية ووسّعي شبكة علاقتك ]

[ فضلاً أيها الأب دعم قوي لشخصية الأم ]

3- اجعل [ البيئة المنزلية للطفل مساعدة في تعزيز التواصل الأسري]، مثل:

* [ ضبط العزلة على الأجهزة ] لما دون الساعة لعمر تحت 3 سنوات، ودون الساعتين لدون سن المدرسة وسن المدرسة، ودون 3 ساعات للأطفال الأكبر.

* قصة قبل النوم : كــ[قصة اليوم] بمعنى سرد للطفل أحداث هذا اليوم مثلاً.

* ألعاب تفاعلية : لعب الدور أو [ التمثيل مع الطفل ]، مثل: أنا ضيف آتي لزيارة الطفل …

* وجود [ حيوانات في المنزل ] عامل مساعد على تنمية التعاطف في نفس الطفل أو زيارة حديقة الحيوان لمن لا يحب وجودهم في المنزل متل حكايتي L.

4- التعرّف على [ الجيران ]، وبناء علاقة صداقة طيبة معهم وتبادل الزيارات والخدمات ..

قصة شخصية ( الصورة التي في البوست ) …

في بداية زواجي استئجرت شقة في بناية لا أعرف من سكّناها أيُّ أحد، ولتحقيق التعرّف على الجيران، وزّعت صرر ملبس ( حلوى سورية معروفة) على مقبض باب كل بيت كاتباً عليها تعريفاً بنفسي ومرحباً بهم بعد صلاة الجمعة للتعارف …

لأفاجئ بزيارة ستة من الجوار لبيتي، ومن خلال هذه الزيارة تعرفت النساء على بعضهن ونشأت علاقة طيبة لا زالت موجودة للآن..

5- التعرّف على [ الحديقة والملعب والمسبح والممشى القريب ]، فمن خلال الزيارة المتكررة لهذه المرافق قد تحصل علاقات اجتماعية جديدة..

6- التعرّف على [ جماعة المسجد القريب ]، فلهذه الجماعة فوائد كبيرة في التعرّف على الكثير من مرافق الحي المفيدة ، كالمدارس الجيدة إلى آخره  …

7- إدخال الطفل [ دور الرعاية والروضة والمدرسة أو الدورات الصيفية ] يعد أحياناً حلاً جيداً، شريطة أن تكون البيئة الاجتماعية في المدرسة غنية وليست المدرسة فقط لتخزين المعلومات او اللعب ..

حضور اللقاءات مع أولياء الأمور او الحفلات المدرسية فرصة لا يجب أن يفوّتها المربي لتنمية الصلات الاجتماعية ما بين البيت والمدرسة…

8- تشكيل [ شلة أصدقاء الغربة]: ويتم التعرّف عليهم من خلال المراكز الإسلامية أو السفارة أو مجموعات الفيسبوك …… ، بحيث يتم عقد اجتماع دوري أسبوعي أو شهري بين الآباء والأمهات مع أطفالهم ، ستكون هذه الشلة بمثابة الأقارب ..

9- تشكيل [ شلة أصدقاء العمل ]: اللقاءات الأسرية مع أصدقاء العمل كالنادي الاجتماعي غالباً ما تكون مفيدة …

10-  تحقيق الذات للأم ، فالأم المضغوطة التي تفقد الإنجازات الشخصية ستعدم الحيلة في العمل على تنمية الطفل اجتماعياً وسلوكياً ..

مرة أخرى مراعاة هذه الناحية يعد خطوة أساسية في تنمية الطفل ..
نعم أعود وأؤكد على خطورة دور الأم في الغربة خاصة
إن تحجيم الأم وحصرها فقط في المهام الزوجية والمنزلية وبخاصة الأمهات أصحاب الشهادات أو الطموح العالي والشخصيات القيادية يجعلها في حالة نفسية …… & ^ $ @ * !!!!

مع الحكمة التامة والتوازن في اتخاذ قرار عمل المرأة تجاه واجب الام التربوي*

————————————————————
* راجع بوست سابق بعنوان: خلاصة القول في عمل الأم للأطفال دون سن المدرسة