يرددها العديد من المربيين على سبيل الفخر أو الأمر لأطفاله .. كناية عن كون المربي مسموع الكلمة ولا أحد يعصاه من أبناءه ….

هل تحب أن تكون كلمتك مسموعة ومطاع كأب أو كأم ؟! …

وكيف ستكون تلك الطاعة؟!، بالحب والرفق والإشباع العاطفي أم بالخوف والترهيب والإساءة العاطفية ؟!

#سأحاول_الإجابة …………………………

أظن أنه لا يختلف أحدٌ على حبه لأن يكون مُطاعاً مسموع الكلمة (1) ، وخاصةً ممن هو يرعاهم  #حب_الطاعة

“إلا أن الدراسات تشير إلى أن معظم الأطفال يتجاوبون ويتعاونون مع ثلث أو ثلثي تعاليم الأبوين وطلباتهما. وهذا يعني أن العصيان وعدم الاستجابة للأبوين أمر طبيعي من الناحية الإحصائية على الأقل، فلا يفيد النظر إلى الأمر على أنه هجوم مقصود وموجه من الطفل نحو سلطة أبويه، وإنما مجرد اختبار الطفل لحدود سلطة الأبوين، ولحدود سلطته هو…

ولا ننسَ أن الطفل يكوّن هويته الذاتية من خلال احتكاكه مع أبويه، ومن خلال تنازعه وتدافعه معهما، ومن تفاعله مع قيمهما وقواعدهما التي يضعاها للطفل” (2).

والطفل المطواع دوماً #الطاعة_العمياء لا يعطي انطباع جيد عنه وعن مستقبله من وجهة نفسية، من يقول نعم لك دوماً كأب أو كأم، سيقول نعم أيضاً لصديق السوء ربما أو رئيس أو مدير متسلط   …

وإصرار المربي الأب أو الأم على الطاعة المطلقة أو العمياء له هو نوع من #التأله_عند_المربي وتغليب مزاجه الشخصي وهوى النفس على الطفل وليس من الحزم أو الثبات الانفعالي في شيء، يقول تعالى: {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه}

فكيف نجمع بين حب المربي لطاعة ابنه وما بين حب الابن كطفل للعصيان واختبار سلطة الوالدين كرمز قوة له (3) ؟!

—————————————

قصة شخصية، مع بابا ملهم

بنتي لانا 7 سنوات وابني أزهر 5 سنوات يحبان الخروج معي مصطحباً كلُّ واحد منهما دراجته الهوائية ( البسكليت ) بما فيهم أنا ….

يستمتعون كثيراً في اللعب معي بالدراجة الهوائية في الحديقة بجانب المنزل ….

تفاجأت في المرة الماضية بعد عودتنا من الحديقة كيف أصبحت “كلمتي معهما ما بتصير تنتين” و طلبي منهما أصبح لا يتكرر !!! … أي بمجرد أن أطلب الطلب يتم تنفيذه بسرعة ….

أزهر فرشي أسنانك … حاضر بابا ..

لانا البسي البيجاما … حاضر بابا …

تصبحوا على خير …. ناموا مباشرةً …

! ^ !! && !!!! *** !!!!!!!! ؟؟؟؟؟؟ !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

فخطر ببالي ذلك التساؤل: كيف أصبحت “كلمتي لهما” اليوم لا تصير تنتنين ؟!!

وكيف تكون أحياناً تنتين بل ثلاثة أو أربعة أو عشرة ؟!!

شعرت أن الموضوع متعلق بي كأب أكثر ما يكون بهما كأطفال …

وعدتهما فصدقت الوعد، ولعبت معهما واستمتعت، فشبعت نفوسهما مني كأب …

#بابا_يحبني …… #بابا_يحترمني ……………. #بابا_يقدّرني …

وجدت أن الحب والعلاقة التربوية المشبعة والتي هي عند الطفل كبورصة الأسهم طالعة / نازلة هما مصدر الطاعة !!!

نعم استمتعت لما أصبحت أطلب منهما الطلب وبصورة لطيفة فينفذونه بسرعة دون أي تردد … مع ابتسامة الرضا ترتسم على وجههما البريء …

حينها علمت كيف أصل لمرحلة تكون “كلمتي ما بتصير تنتين” عند أطفالي ومن خلال ما يلي:

  • الصدق معهما:

لمّا تعدهما بشيء كن صادقاً معهما بالوفاء، وكن مبيّناً لهما بصدق حين لا تستطيع الوفاء..

فكثيراً ما يطلب الأطفال منك أمراً ما كالذهاب للحديقة أو المطعم او مدينة الألعاب، لا تقل لهما: إن شاء الله وأنت لا تستطيع، بل قل لهما لا أستطيع غداً أو اليوم كوني متعب، ولكن ربما أحدد ذلك لما أقدر …

  • اللعب معهم باستمتاع:

لا تلعب لهما من باب تأدية الواجب، بل اخلق نشاطاً تستمتع أنت كأب به وهما كأطفال،  فمتعتك تمتزج مع متعتهما بمزيج جميل جدا وسويعات لن ينسونها طيلة عمرهما … أثر الطاعة سيستمر لفترة أطول بعد انتهاء النشاط الممتع…………………

  • حسن التعامل مع فشل الطفل:

سقط أزهر عدة مرات من الدراجة الهوائية، لم أعنفه أو أظهر عاطفة زيادة …

كنت كلما يسقط أقل له: عادي يا بابا … أنا لما كنت بعمرك أسقط كثيراً أو ل ركوبي للدراجة ….

تابع حبيبي بالتدرّب على الدراجة ….

  • تثبيت القيم والقواعد والسلوكيات الصحيحة بالعقل والمنطق:

قبل أن نخرج إلى الحديقة ونحن نركب الدراجة الهوائية تم الاتفاق على قواعد السلامة وضرورة الالتزام لها مع تعليل كل تعليمة بسبب منطقي يفهمه الطفل وليس بغرض التسلط على حريته بل لحمايته …

طبعاً الأطفال لا يعلمون شيئاً عن قواعد الحياة: صح / خطأ ، حلال / حرام ، أمان / خطر ، عيب / مش عيب

أنت كمربي من يبيّن للطفل ذلك ثم يدرّبه عليها …. بعض المربيين تكون عملية التأديب أو تثبيت هذه القيم والقواعد بأسلوب عصبي ونهر وزجر وأحياناً ضرب …. مما يخرج لك طفلاً عصابياً أو وسواسياً …

الأفضل أن تتبع أسلوب التبيان المنطقي العقلي الهادئ لتلك القيم والقواعد الهامة التي سيمارسها الطفل طيلة عمره … اجعل ممارسته لها ممارسة منطقية هادئة وغير قلقة وسواسية …

———————————————–

كلمتك يجب أن تكون تنتين وثلاث وأكثر .. متى؟!

من المهم لما يفهم ابنك أو يكبر ألا تكون كلمتك عنده لا تصير تنيتن وبشكل مطلق، فلست دوما على صواب أيها الأب وأيتها الأم، فتعدد الآراء في الحياة مهم، وكثير من الأحيان وخاصة لما يكبر الطفل ويصبح شاباً أو رجلاً كلمته هي الصح أو الأقرب إلى الصحة، كونه الأقرب إلى واقع الحياة منكَ كأب أو منكِ كأم ……

نعم الطاعة للأبوين جميلة، وقد أوصى الله بالوالدين إحساناً ولم يوصي بطاعتهما بالمطلق، بل قضى بذلك له سبحانه وتعالى بالطاعة المطلقة والإرضاء التام، ولكن أوصى بالإحسان لهما بالقول والفعل، قال تعالى: { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً }، و بالإحسان لهما بالطاعة أو عدم الطاعة ولكن بالمعروف والرفق، قال تعالى: { وإن جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً } ….

==========================================

حواشي سفلية:

(1) قد يكون علاقة البعض بالطاعة علاقة سلبية، يكره أن يكون مُطاع كيلا يكون متسلط، لديه حساسية مفرطة من التسلط، ربما بسبب علاقة سيئة مع أب متسلط في الصغر أو أم أو معلم أو رئيس … هذا لا يعني أن الإنسان فطرياً لا يُحب أن يكون مُطاعاً و يُحب المعاندة والمشاكسة.

كتبت أم: “ليش مين حضرتي حتى كلمتي ما تصير تنتين!! وإذا كنت أم ومربية شو هالتسلط هاد. كل الأمور ماشية برضا كل الأطراف وقناعة وحب، والكل يشعر أن كلمته هي يلي ماشية”

كتبت أم أخرى: “أرغب بأن يعرف الطفل وحده الصواب ويقرر بنفسه بدون توجيهات عالطالعة والنازلة. أرغب بأن أكون قدوة لطفلي وأحترم رأيه”

بالطبع لك ذلك وهو مهم، ولكن لا بد من السلطة الوالدية في 5- 30 % من المواقف التربوية على الأقل التي تتطلب تدخل غير قابل للنقاش في حياة الطفل كونه لا يدرك تماماً الخطورة أو الأهمية في هذا الموقف، كأن يرفض الدواء أو الذهاب للمدرسة.

(2) من كتاب: دليل تدريب الآباء في تربية الأبناء، د. مأمون مبيض.

(3) غالباً ما يعتبر الوالدين وبخاصة الأب رمز قوة #force_figure للطفل، بمعنى أن الطفل ليصبح قوياً يحتاج أن يتحدى هذا الرمز أو يتحاكى معه أي يقلّده كي يكتسب مهارات القوة منه.