كم وكم نحتاج كمربيين إلى تحرير عقولنا من انفعالات أطفالنا !!!
كون انفعالات الأطفال كثيراً ما تخدعنا، فمحبتنا لهم تضعف عقلانيتنا وتعمي أبصارنا في كثير من الأحيان …
اعلم أخي المربي أنك لما تأخذ قراراً تربوياً صحيحاً ✔ ولكن يخالف مزاج الطفل ، فطفلك في الغالب سيمر من الناحية النفسية والانفعالية بعدة مراحل:
- 1- مرحلة اللامبالاة:
سيبدي طفلك حالة اللامبالاة أو البرود أو عدم الاكتراث، ويرد على قرارك هذا بكلمة “عادي” أو “لا يهمني” … ولكنك ستقرأ في لغة جسده وسيخبرك لسان حاله أنه غاضب جداً وغير راضٍ عن قرارك..
ولكنه يعلم أن محبتك له ستثني عزمك عن هذا القرار وستتراجع …
[الأطفال يعلمون تماماً أننا نحبهم أكثر مما هم يحبوننا، وأن محبتنا ستضعف قرارنا القويم إلى مزاجهم المعوّج ]
فـ [الأطفال يفهمون أكثر مما نتوقع ] وَ [ الأطفال يحكمهم مزاجهم ]
فإن غيّرت قرارك نتيجة عدم مبالاة طفلك به سوف لن تنجح كل الطرق المختلفة في تعديل السلوك.
إما إن أصررت على قرارك العقلاني الصحيح كمربي وصبرت على لامبالاته، سينتقل طفلك إلى المرحلة التالية وهي:
2- مرحلة المطاوعة الغير عادية لك:
قد يبدي طفلك بعدها مطاوعة وليونة وتزلّف غير عادي تجاهك ولكن في غير مجال قرارك.
إيّاك أن تنخدع أيها المربي في تحبب طفلك لك و ودّه الغير مسبوق?، فهذه بمثابة #الرشوة_العاطفية لك لتغيير قرارك، وغالباً ما يطلب منك صراحةً ذلك …
فإن غيّرت قرارك حسب مزاجه، أصبحت في حس الطفل كمربي ساذج وعاطفي وضعيف ..
أما إن تجاهلت تزلفه العاطفي ورشوته ولَم تقبلها وكشفتها له …. وأصررت على قرارك سينتقل طفلك إلى المرحلة التالية وهي:
3- مرحلة الغضب:
سينقلب سلوك الطفل السابق إلى سلوك غاضب مع صراخ و و و … بشكل معاكس تماماً لما سبق، وربما سيبدأ بالتخريب والعناد أكثر .. وربما تتعرض لإهانة منه بالكلام، بل وحتى بالضرب ?… ربي يعينك
انتبه أيها المربي … هذه مرحلة مهمة جداً .. وهي اختبار تربوي خطير لك … فإن رددته على إهاناته وإساءاته بأكثر منها أصبحت في حس طفلك كمربي قاسٍ وظالم ويبدأ الطفل في كرهك كأب أو أم له..
أما إن أبديت صلابةً وثباتاً انفعالياً وقوةً دون إهانته ودون السماح له بإهانتك أو تخريب ممتلكاتك، أي باختصار #احتوي_الموقف دون أن تتأثر رمزيتك كمربي، بل أثبت أمام طفلك أنك قويٌّ وثابتٌ، سينتقل طفلك إلى المرحلة التالية وهي:
4- مرحلة المساومات:
سيبدأ الطفل بمرحلة المساومات والمفاوضات لتغيير قرارك ولو قليلاً …
فإن نجح طفلك بمهارته البسيطة في الإقناع تغيير قرارك كلياً أي 180 درجة فهذا سيعني للطفل أنك كمربي ضعيف الحجة أمامه
أما إن أبديت بعض المرونة مع الثبات على روح وجوهر قرارك السابق، دون إتباع هوى الطفل ومزاجه الخاص إلا في أشياء فرعية … سينتقل بعدها طفلك إلى المرحلة الأخيرة وهي:
5- مرحلة القبول:
والرضا والتسليم بقرارك وتنفيذه لفترة طويلة …
وهنا كسبت أنت وطفلك معاني تربوية هامة في الثبات الانفعالي و إتباع المنطق والعقل والواقع في القرار وليس الهوى والمزاج …
سيشكرك طفلك كثيراً لذلك ربما الآن ولكن بالتأكيد والأهم فيما بعد …
وسيدعو لك: ربي اغفر له وارحمه كما ربّاني صغيراً ..
—————————————————————————–
مثال توضيحي:
لو قررت ربط عدد ساعات دراسة ابنك( الذي يرفض أن يدرس ويلعب كثيراً ويشاهد التلفزيون لساعات) بمدة مشاهدته للتلفزيون، واتفقت معه أنه “لو درس ساعتين مثلاً، فله الحق في مشاهدة التلفزيون لساعة” وهكذا …
فجاء اليوم التالي ولم يدرس، فحرمته من التلفزيون حسب الاتفاق …
المرحلة 1: فغالباً ستسمع رده وخاصة إن كان قيادياً عنيداً: عادي يا بابا أنا لا أريد مشاهدة التلفزيون ولا يهمني أصلاً …
مع أنه من الواضح عليه الغضب وعدم الرضا وخاصةً وهو يرى إخوته يشاهدونه بعدما أنهوا دراستهم … وقد تستمر حالة اللامبالاة لعدة أيام …
فإن غيّرت قرارك نتيجة لردة فعله فاعلم أنه سوف لن تنجح كل الطرق المختلفة في تعديل رفضه للدراسة … والسبب هو أنت …
المرحلة الثانية: أما إن أصررت على قرارك وتجاهلت لامبالاته وحرمته من مشاهدة التلفزيون طوال هذا اليوم الذي لم يدرس فيه، فستجد طفلك غالباً يعطيك رشوة عاطفية في غير مجال الدراسة … بابا بدك عصير … بدك اغسل سيارتك …
ثم بعدها سيطلب منك صراحةً: بابا أرجوك دعني أشاهد التلفزيون فقط ربع ساعة !!! أرجوك …
إن استجبت فستبدو لطفلك ضعيفاً وساذجاً …
المرحلة الثالثة: أما إن لم تقبل رشوته وكشفتها له …. وأصررت على قرارك سينتقل طفلك إلى مرحلة الغضب مع صراخ و التشويش على إخوته وهم يشاهدون التلفاز أو حتى ضربهم ..
*** وهنا أخطر اختبار تربوي لك ***
فإن رددته عليه بالمثل فستبدو ظالماً قاسياً مكروهاً وستشعر بالذنب وربما تتراجع عن منعه من التلفزيون ..
المرحلة الرابعة: أما إن أبديت الثبات الانفعالي وصبرت ومنعته من الإيذاء والتشويش بحزم وقوة واحترام لشخصه دون إهانة وألزمته بالعقوبة، سينتقل طفلك أمام قوتك إلى مرحلة المساومات والمفاوضات معك، سيقول لك غالباً: بابا أرجوك دعني أشاهد التلفزيون من بكرا سأبدأ الدراسة… أرجوك !!! … أو شو رأيك سأرتب غرفتي وأساعد ماما في وضع طعام الغداء بعدها أشاهد التلفزيون لساعة ثم أنام وبالغد صباحاً أدرس ؟!!!
فإن قبلت “العرض المغري” فغالباً لن ينفي الطفل بوعوده.
المرحلة الخامسة: أما إن أبديت بعض المرونة كأن تقول: سأساعدك في الدراسة أنا أو أمك لساعة ثم سأسمح لك بأن تشاهد التلفزيون نصف ساعة شريطة أن تستيقظ بالغد فجراً لتكمل واجباتك، فإن لم تستيقظ سأحرمك بالغد من نصف ساعة تلفزيون … اتفقنا ؟!!!
سينتقل بعدها طفلك إلى المرحلة الأخيرة وهي مرحلة القبول والرضا والتسليم بقرارك وتنفيذه لفترة طويلة …