هل للعلاقات عمر محدد ثم تموت ؟!
أعتقد أن معظم العلاقات الإنسانية ذات عمرٍ محددٍ أو فترة صلاحيةٍ محددة، كما هو كل شيء في هذه الحياة الدنيا محدود وذو عمر محدد يبدأ ثم ينتهي ….
فمهما كان طرفي هذه العلاقة الإنسانية، أكانوا زوجين أو صديقين أو زميلي عمل أو أب وأم مع ابنهما أو ابنتهما … فللعلاقة بداية ثم نهاية حتماً تطول أو تقصر … (1)
والسبب في نهاية عمر معظم العلاقات هو نفسه السبب في بدايتها، ألا وهي #تبادل_المصالح المعنوية (كالمحبة والإلفة والتشجيع والترويح والتعبد … ) والمادية ( كالدعم المالي والعلمي والصحي … ) .. (2)
بالطبع هنالك أشياء تطيل في عمر العلاقة الإنسانية ولا شك …
فالعلاقة الإنسانية كالجسد تحتاج تقوية وعناية صحية حتى لا تتعرّض للأمراض فتبلى وتموت أو تتحوّل من علاقة إلى عداوة … وكم وكم من الأجساد بيننا وهي ميتة وكذلك العلاقات !!!
من أهم ما يطيل في عمر أي علاقة إنسانية إلى سنوات أو إلى خلود لا ينتهي :
- التعرّف: المعرفة المستمرة لأحد الطرفين على الآخر، فلا أحد يدّعي أنه يعرف الآخر مهما كان معرفة تامة، بل الإنسان مهما كان عميقاً جداً كالمحيط وواسعاً جداً كالفضاء لا يمكن التوقف عن استكشاف خفاياه وأماكن الجمال فيه …
#لا_تتوقفوا_عن_فضول_التعرّف - التعلّم: التعلّم المستمر والقراءة والإطلاع على علم العلاقات بما في ذلك مهارات التواصل وحل المشكلات وسيكولوجية الجماعات والمجتمع وطرق تكوين مجموعات وبناء فريق أو العلاج بينشخصي interpersonal therapy والعلاج النفسي الأسري familial therapy…. إلى آخره من علوم إنسانية مهمة في فن بناء العلاقات الإنسانية ومعالجتها …
#تعلّم_مستمر_لفنون_العلاقات - بناء الإلفة: الإلفة هي حالة بين شخصين بحيث يستطيع كل واحد منهما أن يبوح للآخر بأخطر وأصعب الأمور بنفس الطريقة التي يقول له فيها أبسط الأمور وأسهلها، هي حالة من الأمان شبه التام أو المتزايد بحيث تخبر الآخر بما تريد …
#أفشوا_السلام_بينكم ، وما ذلك إلا بما يلي: - التنقية والتصفية المستمرة للعلاقة: عبر الحوار الفعّال والاستماع الإيجابي لكلا الطرفين والتفهم لمواقف ومشاعر كل منهما، وحل المشكلات والمواقف المتأزمة دونما تأخير …
#صلْ_ما_يجب_أن_يوصل … - التعاون والتعاضد : تعزيز وتكثيف شبكة المصالح المعنوية والمادية فيما بين طرفي العلاقة، كلما تشابكت المصالح وتعقّدت قويت معها العلاقة … والعكس صحيح ..
#وتعانوا_على_البر_والتقوى … - تطوير العلاقة: من “علاقة التملك” الغير ناضجة المليئة بمخاوف الفقد والانفصال عن بعضهما ………………… إلى “العلاقة الناضجة” المتحررة من خوف الانفصال عن بعضهما، والتي تجعل الحياة أفضل والإنتاجية فيها أعلى والإحسان أرقى … #نضّج_علاقاتك …
- ترقية العلاقة: من خلال تحديد غاية عليا سامية منها، وإشباع الروح و تغذية الجوهر الإنساني، لنقل أنها #علاقة_لأجل_العلاقة ….
ربما يتوضح ذلك من خلال هذه القصة الشخصية:
شيء ما كنت أفتقده ووجدته !
فاجئني اتصال من صديق قديم قدم للحج هذا العام… لم أره منذ قرابة ست أو سبع سنوات …
يريد أن يراني وسيقطع مسافة بمئات الكيلومترات كي يراني ..
توقعت أن يكون هنالك سبباً آخراً مادياً أو دنيوياً غير الشوق والصداقة كجانب معنوي …
بعد أن جاء وعلامات التقدم في العمر باديةٌ على ملامحنا .. إلا أن ذلك لم يمنع أن نعود سنوات إلى الخلف ونجلس جلسةً جميلةً نقف فيها على أطلال الأيام السابقات …
نتذكر عهدنا في حلب والشام … وساعاتٍ قضيناها برفقة العلم والطب والقرآن والأنشطة المختلفة التي كانت عادة ما تبدأ بالقرآن وتدندن حوله …
انتهى اللقاء ولم يتحقق أيُّ هدفٍ دنيوي، بل تحقق ما هو أعلى وأسمى من كل هذه الدنيا …
حلّق بنا اللقاء نحو السماء … فكُسينا حلةً مدهشةً لم نشهدها إلا قبلاً …
الروحانية … الروح حينما تشرب … والجوهر حينما ينشط .. .تحلّق عـــــالياً …
حينها علمت أنها الروح إن أهملناها تعبنا مع تعبها، وفقدنا كل متعة حتى ولو بدونا مستمتعين …
العلاقة ذات البعد الروحاني تأخذ بالعلاقة إلى السرمدية …. الخلود الذي لا ينتهي …
وهذا ما كنت أفتقده في العلاقات الحالية ووجدته بعد سنوات وسنوات … قادماً من حلب …
الروح …
——————–
(1) مثلاً العلاقة الزوجية -وحسب إحدى الدراسات – وعبر التاريخ البشري وجدوا أن عمرها حوالي ثلاث سنوات في مختلف العصور وحتى قبل ما اصطلح البشر على عقد الزواج، وأيضاً عند مختلف الثقافات. ينجذب الذكر إلى الأنثى وتنجذب له، وبعد حوالي ثلاث سنوات يخبو الانجذاب والعاطفة، وغالباً ما يحصل الانفصال أو الطلاق بشكل عاطفي أو بشكل رسمي …
(2) بالمناسبة أعرف أن الكثير من الناس يتحسس من ذكر كلمة “مصالح” ويعتبرها دوما ذات صبغة مادية. والحقيقة أن المصالح أنواع منها المادي ومنها المعنوي منها النفسي ومنها الروحي. وهي تعريفاً كل ما يجلب منفعة ما للإنسان ويدفع عنه ضرراً ما في نفسه وجسده وروحه ووممتلكاته. فالمصلحة ما يبعث على الصلاح في كل شيء وليس فقط الجانب المادي.